- الرئيسية >
- الفنون القتالية المختلطة >
- "التغلّب على الصعوبات"... كيف قاد العمل المتفاني المقاتل الجزائري رابح محمد يونس إلى بطولة "ون"
"التغلّب على الصعوبات"... كيف قاد العمل المتفاني المقاتل الجزائري رابح محمد يونس إلى بطولة "ون"
بذل المقاتل الجزائري رابح محمد يونس الكثير من العرق والدموع من أجل تحقيق أحلامه بالوصول إلى العالمية والقتال ضمن أكبر منظمة للفنون القتالية في العالم بطولة "ون".
عما قريب يخوض الشاب البالغ من العمر 27 عاماً، نزالاً هاماً ضدّ نظيره الأمريكي إيدي أباسولو، خلال عرض ONE 169 (ون 169: ماليخين ضدّ روغ روغ) من بطولة "ون"، فجر السبت 9 تشرين الثاني/نوفمبر.
المقاتل الجزائري المتخصّص في الضربات القاضية هو أيضاً ممثل فريق مواطنه النجم مهدي زعتوت، ومن المقرّر أن يخوض نزالاً في المواي تاي عن فئة وزن الريشة في "ون" ضدّ خصمه أباسولو، في ملعب "لومبيني" في العاصمة التايلاندية بانكوك.
ستشكّل هذه المواجهة فرصة ليونس لإظهار موهبته الهائلة وأسلوبه القتالي المثير على الحلبة الأيقونية في تايلاند موطن المواي تاي، سيما وأن مسيرته لم تكن سهلة حيث هرب من ظروف الحياة الصعبة ليصبح نجماً عالمياً.
وهنا لمحة عن أبرز المحطات الشاقّة التي طبعت مسيرة رابح محمد يونس:
شحّ المال والطفولة الصعبة
وُلد يونس ونشأ في الجزائر في عائلة من تسعة أطفال، وكانت طفولته مليئة بالصعوبات حيث قضى سنواته الأولى في حالة من القلق بشأن الوضع المادي لعائلته مما أجبره على النضوج بسرعة.
عن تلك المرحلة، قال يونس: "كانت طفولة صعبة للغاية. عشنا في منزل جدي مع العديد من الأعمام والعمات. ثم انتقلنا إلى منزل صغير مع ثمانية أشقاء في حي صعب".
وأضاف: "كان والدي يعمل كأستاذ، يسعى جاهداً لتوفير لقمة العيش لعائلتنا الكبيرة باعتباره المعيل الوحيد. كانت الأموال شحيحة، لذا كان علي أن أبدأ العمل في سن مبكرة لدعم نفسي ومساعدة عائلتي".
اكتشاف الشغف الحقيقي
شعر يونس بأنه وُجد لشيء أكبر من مجرد عمل شاق بالكاد يكفيه لسد احتياجاته. بفضل موهبته الرياضية منذ سن مبكرة، جرّب كرة القدم، ثم اتجه إلى الكاراتيه قبل أن يجد ضالته في الكيك بوكسينغ التي أصبح مهووساً بها.
شرح المقاتل الجزائري قائلاً: "لعبت كرة القدم لفترة، لكنني شعرت برغبة في شيء أكثر إثارة. عندها جربت الكاراتيه، لكن جانب عدم الاحتكاك لم يحفّزني كثيراً. لم أكتشف شغفي الحقيقي إلا عندما صادفت الكيك بوكسينغ في سن الثالثة عشرة، من خلال نادٍ متواضع في مدينتي".
سرعان ما وقع الشاب في حب هذه الرياضة وقضى ساعات يشاهد أساطير الكيك بوكسينغ، كما كرّس نفسه تماماً حيث بدأ يتدرب في صالة مؤقتة في منزله في الأيام التي لم يتمكن فيها من الذهاب إلى الأكاديمية.
قال: "مشاهدة أساطير مثل (الهولندي-المغربي) بدر هاري، أشعلت النار بداخلي، وبدأت أتخيل نفسي أتنافس في مستواهم. سرعان ما أدركت أن التدريب ثلاث مرات في الأسبوع لن يكون كافياً. لذا، قمت بتثبيت كيس ملاكمة بدائي في منزلي باستخدام إطارات قديمة وقفازات مهترئة، وكنت كل يوم، أتدرّب بمفردي وأدرس حركات المحترفين. أصبحت مهووساً بالتطور منذ ذلك الوقت".
العمل الشاق لا ينتهي
بدأت جهود يونس الشاقة تؤتي ثمارها بسرعة، حيث فاز بالعديد من الألقاب الجزائرية والعربية في الكيك بوكسينغ والمواي تاي ليصبح واحداً من ألمع المواهب الصاعدة في المنطقة. لكن نجاحاته في الحلبة قابلتها حياة صعبة خارجها، إذ كان وحيداً ولم يكن أحد يدعمه لذا كان يأخذ أي وظيفة تسمح له بمواصلة التدريب.
بشأن تلك البدايات، أوضح: "في سبيل تحقيق أحلامي، قمت بالانتقال من مدينتي الصغيرة إلى العاصمة الجزائر، بحثاً عن فرص جديدة. كانت فترة صعبة. كنت وحدي، أوازن بين التدريب والعمل. في البداية، عملت كبائع في متجر، وفي تلك الفترة كنت أنام خلسة في بعض الأحيان في غرفة أحد الأصدقاء في الحرم الجامعي، محاولاً التغلّب على الصعوبات".
في النهاية، وجد يونس عملاً بدوام كامل كمعالج فيزيائي، مما خفف من أعبائه المالية قليلاً، لكنه كان يعلم أنه إذا أراد الوصول إلى أعلى مستويات المواي تاي والكيك بوكسينغ، فعليه مغادرة الجزائر. مع أحلام كهذه، تولى المقاتل الموهوب المزيد من الوظائف للمساعدة في تمويل رحلاته التدريبية.
صرّح يونس بالقول: "لتمويل رحلاتي إلى تايلاند والتقدم في مسيرتي، دخلت مجال تجارة السيارات وتوليت ساعات إضافية من العمل كبائع. حتى أنني عملت كسائق تاكسي في دبي، كل ذلك أثناء بالتوازي مع التدريب في النادي. لذا، نعم، كان لدي نصيبي من الوظائف والجهود الشاقة على طول الطريق لأصبح مقاتلاً محترفاً".
التحوّل إلى النجومية بعد عناء
تلك السنوات من الجهد الدؤوب ومحاولة الموازنة بين التدريب والعمل، أدّت في النهاية إلى وصول الشاب البالغ من العمر 27 عاماً إلى بطولة "ون" والانضمام إلى هذه المنظّمة في كانون الأول/ديسمبر 2023.
في أول نزال له في بطولة "ون"، أطاح يونس بالضربة القاضية من الجولة الأولى بالمخضرم التايلاندي والمنافس على لقب العالم سايمابيتك فيرتكس، مما أحدث ضجة في مشهد المواي تاي العالمي. وعلى الرغم من أن الجزائري عاد وخسر معركة العودة أمام سايمابيتك في شباط/فبراير الماضي، إلا أن أسلوبه الجريء والديناميكي لفت انتباه الجماهير في جميع أنحاء العالم.
الآن، وهو يتدرب بدوام كامل في تايلاند ضمن فريق مواطنه النجم مهدي زعتوت، يكاد يونس لا يصدّق أنه بدأ يحقق أحلامه أخيراً.
في هذا الشأن، ختم قائلاً: "من الغريب أن ألاحظ أن المزيد من الناس يتعرّفون إليّ في شوارع بانكوك. حتى أن الناس يتوقّفون لالتقاط صور معي، وهو أمر غريب ولكنه رائع جداً. حب الجماهير يدفعني للاستمرار، وأنا أقدّر كل لحظة من ذلك".
لمشاهدة جميع المباريات والأحداث الرياضية، اضغط على هذا الرابط للاشتراك