منتخب سوريا: مكاسب رغم الخروج الحزين...الآن بدأ الحلم
وصل حماس أنصار المنتخب السوري إلى أقصاه بعدما كان نسور قاسيون قريبين للغاية من الوصول إلى نخبة النخبة في كأس آسيا قطر 2023، ليضاف ذلك إلى إنجاز الوصول إلى الأدوار الإقصائية لأول مرة في تاريخ كرة البلاد وفي النسخة عينها.
حماسُ تحول لخيبة أمل وحزن قاسٍ بعد الخروج بركلات الترجيح أمام أحد عمالقة القارة منتخب إيران (5-3)، إثر التعادل في الوقتين الأصلي والإضافي (1-1) على أرضية ستاد عبد الله بن خليفة في ثمن نهائي البطولة.
إذ قارع أحمد مدنية ورفاقه منافسيهم في الطرف الآخر سردار أزمون ومهدي طارمي، وكانوا أفضل منهم فنياً في كثير من الأوقات حتى أن المنتخب الإيراني بدا بعد طرد نجم نادي بورتو البرتغالي طارمي إثر تلقيه الإنذار الثاني في الدقيقة 90+1، بدا أنه يلجأ لتهدئة اللعب، 10 دقائق كوقت مضافِ على الدقائق التسعين وكذلك في بعض من أوقات الشوطين الإضافيين.
نجح المنتخب السوري في هذه البطولة بقيادة مدربه المحنك هيكتور كوبر بتقديم نفسه كمنتخب لديه هوية واضحة وشكل دفاعي صلب في الميدان (النمط المعروف عن المدرب الأرجنتيني) بقيادة قلبي الدفاع ثائر كروما وأيهم أوسو، إضافة لجودة في خط الوسط والوسط الدفاعي، لم يعهدها السوريون في السنوات القليلة الماضية على الأقل.
فبوجود اللاعبين أصحاب الأصول السورية إيزيكيل العم وخليل إلياس ومن أمامهما إبراهيم هيسار بدا المنتخب السوري بإمكانه تغيير إيقاع المباراة، حتى أمام منتخبات كبيرة مثل المباراة ضد أستراليا وبدرجة أوضح أمام إيران، وتحويل اللعب من جهة إلى أخرى بسلاسة ونقل الكرة بالتمريرات الأرضية القصيرة.
وقدمت البطولة نجماً متميزاً في المنتخب السوري هو الجناح الأيمن عبد الرحمن ويس الذي استخدم مهارته بتخطي المنافس في نقل اللعب من نصف ملعبه إلى نصف الملعب الآخر بشكل متقن، إضافة لابن نادي الكرامة الحمصي الشاب محمود الأسود وهو لا يزال لاعباً في الدوري السوري.
ولعب كوبر بتشكيلة واحدة في مباريات الدور الأول الثلاث، فصحيح أنه لم يسجل سوى هدف واحد بواسطة قائد النسور عمر خريبين أمام الهند لكنه أيضاً لم يتلق في الدور الأول سوى هدف يتيم أيضاً من أستراليا وجاء بمساعدة من أخطاء في التشتيت والخروج لحارس المرمى.
عمر خريبين يصبح أول لاعب يسجل لسورية في مباراتين متتاليتين ضمن كأس آسيا منذ جمال كشك عام 1980
وفي أول مباراة بدور إقصائي يلعبها في تاريخه المنتخب السوري، زج كوبر بنجمه خريبين أساسياً لأول مرة في البطولة، لما لديه من خبرة هذه المواقع المهمة، فسجل له ركلة الجزاء بحرفية عالية ..ركلة بالأصل حصل عليها البديل بابلو صباغ صاحب الأصول السورية الذي التحق بدوره بمعسكر النسور قبل البطولة بأيام.
بهدفه في الدقيقة 64، بات خريبين أفضل هدّاف لسوريا في تاريخ كأس آسيا (3 أهداف)
دهاء كوبر المعروف لم يكن لينفّذ بهذا الشكل لو لم يمتلك الأدوات ولكن لاعباً آخر هو من ساهم في ترسيخ خطط كوبر وتحقيق الهدف المنشود بتخطي دور المجموعات، هو حارس المنتخب أحمد مدنية والذي اشتغل على تطويره مدرب حراس المرمى في فريق كوبر التدريبي النجم المصري السابق عصام الحضري.
مدينة خاض أمام إيران مباراة عمره، إذ قام بتسع تصديات وحصل على أعلى تقييم بين جميع لاعبي ثمن النهائي 9.1 بحسب المواقع المختصة.
بعض من هذه التصديات كان لها الأثر الأكبر في إبقاء المنتخب السوري ضمن أجواء المباراة.
تصدّى الحارس أحمد مدنية (34 عاماً) - والذي لم يأخذ فرصته في اللعب أساسياً إلا مؤخراً- لـ9 تسديدات ضد ايران، وهي الحصيلة الأعلى المشتركة في مباراةٍ بكأس آسيا منذ تواجد 2007، بالتساوي مع العراقي محمد قاصد ضد أستراليا في 2011 ونيستروف ضد أستراليا في 2019).
ربما استمرت العقدة، بعد أن غاب الفوز عن منتخب سوريا آخر 28 مباراة لها أمام إيران في جميع المسابقات، ولكن نسور قاسيون جعلوا أنصارهم يرفعون رأسهم عالياً وباتوا فعلاً يتطلعون لعودة قوية في التصفيات الآسيوية لكأس العالم 2026 آذار/ مارس المقبل، بعد الخسارة الموجعة من اليابان 5-0 في المرحلة الأخيرة.
إذ بإمكان كوبر في حال استمر مع المنتخب أن يعمل على المزيد من تطوير قدرات لاعبيه ورفع طموحاتهم إلى ما يصبوا إليه العشاق منذ أن لعب المنتخب أول مباراة دولية له وهو الوصول إلى كأس العالم.
تأثرت نتائج المنتخب السوري كثيراً بسبب عدم الاستقرار التدريبي الذي عانى منه بعد تصفيات مونديال 2018 البطولية، إذا تبدل على كرسي التدريب منذ 2019 حتى 2024 ثمانية مدربين وبالتالي يرى عدد من النقاد أن المنتخب وجد ضالته التدريبية أخيراً، عند مدرب لديه باع طويل باللعب وفق الإمكانيات التي يمتلكها وتطوير العناصر التي يدعوها لتمثيل المنتخب.